السبت، 25 أبريل 2020

قاتل عثمان


قاتل عثمان

                        


الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده
أما بعد ...،
مازال بعض الروافض يطنطنون بكذب، مدعين أن عمرو بن الحمق الخزاعي أحد قتلة عثمان رضي الله عنه ممن شهدوا بدر، ولعل تورطهم في قتله ما يدفعهم لذلك.
وإن كانت تلك الشبهة تبدو للبعض وكأنها لا ترقى لخلاف بيننا وبينهم، إلا أنها في حقيقة الأمر تنطوي على طعن في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصحيحين: " وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم، فقد غفرت لكم".
فكان القاء الضوء على قاتل عثمان، يقتصر فقط على اجلاء حقيقة أمره من خلال:


أولاً - التعريف بنسبه:
فالمتواتر أنه يتصل نسبًا بعمرو بن لحي أول من جلب الأصنام حول الكعبة وشرع عبادتها، فهو:
عمرو بن الحمق بن الكاهن بن حبيب بن عمرو بن القين بن دراج بن عمرو بن سعد بن كعب بن عمرو بن لحي وهو ربيعة بن حارثة بن عمرو بن عامر بن حارثة بن ثعلبة بن امرئ القيس ابن مازن بن الأزد وهو أبو خزاعة الأزد بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان بن عابر (هود عليه السلام) بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح (عليه السلام).


ثانيًا - دوره في فتنة قتل عثمان:
كان عمرو بن الحمق أحد قادة الفتنة، وتزعم من اقتحموا الدار، فما إن سقط عثمان رضي الله عنه على الأرض أمامه، حتى قعد على صدره الشريف وطعنه تسعة طعنات، ونقل البلاذري قوله: طعنته تسع طعنات علمت أنه مات في ثلاث منهن، ولكني وجأته الست الأخر لما كان في نفسي عليه من الحنق والغيظ.
وقد كان المصريون الذين حصروا عثمان ستمائة: رأسهم كنانة بن بشر، وابن عديس البلوي، وعمرو بن الحمق، والذين قدموا من الكوفة مائتين، رأسهم الأشتر النخعي، والذين قدموا من البصرة مائة، رأسهم حكيم ببن جبلة، وكانوا يدا واحدة في الشر، وكانت حثالة من الناس قد ضووا إليهم.


ثالثًا - متى أسلم وهل شهد بدرًا؟:
وإن اتفقت جميع المصادر على اسلامه حيال حياة النبي صلى الله عليه وسلم، إلا أنها انقسمت فيما بينها حول تاريخ اسلامه إلى فريقين:
* الأول: أسلم بعد صلح الحديبية.
* الثاني: أسلم بعد حجة الوداع.

وبذلك يكون إسلامه بعد صلح الحديبية وقبل حجة الوداع أي فيما بين السنة السادسة والعاشرة من الهجرة، أمرًا لا خلاف فيه، وما بات معه استحالة لحاقة بغزوة بدر التي كانت في السنة الثانية من الهجرة.

فمن المسلم به أن:
غزوة بدر في رمضان من السنة الثانية للهجرة
صلح الحديبية في ذي القعدة من السنة السادسة للهجرة
حجة الوداع في ذي القعدة من السنة العاشرة للهجرة
وفاة النبي صلى الله عليه وسلم في ربيع الأول من السنة الحادية عشرة للهجرة

وعلى هذا النحو قد أرخ لإسلامه جمع غفير من الأئمة والمؤرخين أوجز منهم:
* أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر بن عاصم النمري القرطبي (المتوفى: 463هـ) صاحب "الاستيعاب في معرفة الأصحاب"
* أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي (المتوفى: 774هـ) صاحب "البداية والنهاية"
* عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي (المتوفى: 911هـ) صاحب " حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة"

وبذلك يكون زعم الرافضة أنه ممن شهدوا بدر غير صحيح، فقد كان إبانها وبعدها ما زال على شِركه حتى أسلم فيما بين السنة السادسة والعاشرة من الهجرة.


رابعًا : مدى صحة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم له:
وفيما يخص ما ورد عن إبراهيم بن محمد بن الضحاك حدثنا محمد بن سنجر ثنا أبو مسهر ثنا يحيى بن حمزة حدثني إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة قال: حدثني يوسف بن سليمان عن جدته ميمونة تأثره عن عمرو بن الحمق الخزاعي: أنه سقى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لبنًا؛ فقال: "اللهمّ، أمتعه بشبابه"، فمرت عليه ثمانون سنة لم ير شعرة بيضاء.
فهو حديث في اسناده ضعيف من وجهين:
الأول: إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة؛ متروك الحديث؛ كما في "التقريب".
الثاني: يوسف بن سليمان؛ مجهول لم يوثقه أحد.
وقال الحافظ ابن حجر: "هذا حديث غريب؛ وإسحاق بن عبد الله بن أبي فروة المذكور في سنده ضعيف عندهم جميعًا من جهة سوء حفظه.


خامسًا - مقتله:
أول رأس حمل في الإسلام كان رأس عمرو بن الحمق:
قتله عبد الرحمن بن عثمان الثقفي قصاصًا لقتل عثمان رضي الله عنه، وبعث برأسه إلى معاوية وهو أول رأس بعث به في الإِسلام.


وأخيرًا: وإن كنا لا ندعي عصمة لأي من الصحابة رضوان الله عليهم، ولا ننكر على الرجل صحبته للنبي صلى الله عليه وسلم، ولكن فقط نجلي حقيقة أنه ليس كما يزعمون من أكابر الصحابة أو ممن شهدوا بدر.

المصادر:
تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف، معجم الصحابة، الاستيعاب في معرفة الأصحاب، التَّنويرُ شَرْحُ الجَامِع الصَّغِيرِ، لمعات التنقيح في شرح مشكاة المصابيح، مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه والقول المكتفى على سنن المصطفى، تاريخ المدينة لابن شبة، المصنف في الأحاديث والآثار، الأوائل للطبراني، عُجالةُ الرّاغِب المُتَمَنِّي في تخريج كِتابِ «عَمَلِ اليَوم وَالليلة» لابن السُّنِّي، مرآة الزمان في تواريخ الأعيان، تاريخ الإسلام، البداية والنهاية، حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة، تاريخ الخلفاء الراشدين الفتوحات والإنجازات السياسية، أنساب الأشراف للبلاذري.